الجمعة، 23 ديسمبر 2011

سعاد

قصه واقعيه:

وسط إطلاق كثيف للنار من قِبل الهمج الجمهوري تحاول إحدى الأُسر الأختباء والإحتماء من القصف العشوائي والذي استمر لليالي عده ,سُمِع صوت زجاج يتكسر يعقبه دوي إرتطام يهزُ السقف فهرع افراد العائله يتزاحمون في السلّم الخشبي الأزرق والمؤدي الى غرفة وحيده في الدور الأول (غرفه نبيل) , فقد احسوا بخطب ما قد حدث لنبيل , فوجدوا خال نبيل (شوقي) جالسا امام الغرفه مصدوماً يُصدرُ صوت مُخيف لم يسمعه أحد من افراد العائله من قبل. وصل الأب الى باب الغرفه  فصاح بأعلى صوته "الـــــلــــه أكبر" ثم استدار ليمنع البقيه من المشاهده.
استطاعت سعاد الأخت الصغرى لنبيل ان تصل إِلى باب الغرفه لترى جثه أخيها ملقاةً على السجاد ,لم يبقى من رأس أخيها إلا فكه السفلي الذي مازال متصلاً بالجثه فقد اصابت رصاصه 12.7   تطايرعلى إثرها رأسه  في أرجاء الغرفه, التفتت سعاد واتجهت نحو عائلتها وهي تتقياء, نزلت الأسره بكاملها إلى الأسفل هرباً من مُشاهدةْ  إبنهم مقطوع الرأس وخوفاً من الرصاص وكأنهم يهربون من وحشٍ موجود في الأعلى ,نزلوا مرتبكين يصرخون ويبكون وهم يرتعشون من هول ما رأوه, كلَّ واحد يُحاول أن يُهدء الآخر ولكن دون جدوى.
وبينما كان الجميع يرتعد غيرَّ مُصدقين بما جرى, شعَرتْ سعاد بالدفء وامتشقت من بين الأنيين والبكاء واتجهت مسرعةً نحو المطبخ لتأخذ قِدراً وملعقه وتصعد نحو غرفه أخيها وهي تتحدى الموت وتلتقط قميصاً كان يستعد نبيل لِيرتديه قبل أن يُقتل وتلفهُ حول ما تبقى من رأسه,ثم اخذت بتجميع أشلاء رأس أخيها ودمائه إلى ذلك القِدر باستخدام الملعقه وهي تصرخ وتردد بشده وبحُرقه "قاتلك الله ياسفاح, قاتلك الله ياسفاح , قاتلك الله ياقاتل أخي " ثم إرتمت من شده الأعِياء بجانب جثه أخيها وحلّقت بيدها اليمين على جثته وتبتسم وكأنها تردُ على إبتسامةً منه وتفقد الوعي وهي تنظر إلى رأسه الملفوف.
إن أحداثً قصيره كتلك الـــ13 دقيقه التي مرّت على سعاد  من شأنها أن تغير في الأنسان مالم تغيره الأزمان, فـــسعاد بنت الخمسةعشرا ربيعاً قد شاخت وهي لاتزال صغيره بسبب حجم المصيبه التي واجهتها وكأن عمر أخيها زاد على عمرِها ,فمن الخطاء حساب العمر بعدد السنوات التي يعيشها المرء , ولكن بمعرفة ما واجهه الأنسان من مصايب ومن مؤثرات خلال تلك السنوات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.