الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

سوف تذكرين






 ذاتَ   يوم  ستذكرين  ارتجافي      بين   كفيك   وانهيال  اعترافي
وسؤالي  منْ  ذا هنا وارتياعي      من  سؤالي وخشيتي أن تخافي
واقترابي  حتى شممتِ وعودي      بأسى  جيئتي  وهزْ  انصرافي
***
وورائي   ذكرى   تعضُ  يديها      وأمامي  طيفٌ  كوحشِ خرافي
من ورآني من أين جئتٌ وأمضي      كالصدى كاغترابِ ريح الفيافي
أي  جدلى  رجعت  عنها ومنها      وإليها      جنازتي     وزفافي
والذي  كان  منزلي  قبل  حين      جئته  فاستحال  منفي  المنافي
إنما   سوف   تذكرين   وقوفي      بين  كفيك  أجتدي  أو  أصافي

***
ذات  يوم  سترحمين  احتراقي      بعدما  ذبت  واعتصرت جفافي
وتقولين   كان   عصفور  حب      ظامئاً  كيف  عز عنه ارتشافي
كان  يأتي  والجوع يشوي يديه      وعلى  وجهة  اصفرار القوافي
واختلاجاته    تسلي   غروري      وانكساراته    تحت    انعطافي
كان    يقتاده    عبيري   فيدنو      ثم   يثنية  ضعفه  عن  قطافي

***
وتعودين    تذكرين    التماسي      ورجوعي  وكيف  كنت  أوافي
وتودين    لو    بذلت    ولكن      عند  أن تجدبي وأرضي عفافي


الخميس، 24 يوليو 2014

مجانين غزّة ......نزار قباني




يا تلاميذَ غزَّةٍ...
علّمونا..
بعضَ ما عندكمْ
فنحنُ نسينَا...


 علّمونا..
بأن نكونَ رجالاً
فلدينا الرجالُ..
صاروا عجينا..


 علِّمونا..
كيفَ الحجارةُ تغدو
بينَ أيدي الأطفالِ،
ماساً ثمينَا..

 كيفَ تغدو
درَّاجةُ الطفلِ، لُغماً
وشريطُ الحريرِ..
يغدو كمينَا


 كيفَ مصّاصةُ الحليبِ..
إذا ما اعتقلُوها
تحوَّلتْ سكّينا...


 يا تلاميذَ غزَّةٍ
لا تُبَالوا..
بإذاعاتنا..
ولا تسمَعُونا..


 اضربوا..
اضربوا..
بكلِّ قواكمْ
واحزموا أمركمْ
ولا تسألونا..

*
 نحنُ أهلُ الحسابِ..
والجمعِ..
والطرحِ..
فخوضوا حروبكمْ
واتركونا..

*
 إنّنا الهاربونَ
من خدمةِ الجيشِ،
فهاتوا حبالكمْ
واشنقونا...

 *
 نحنُ موتى...
لا يملكونَ ضريحاً
ويتامى..
لا يملكونَ عيونا

*
 قد لزمنا جحورنا...
وطلبنا منكمُ
أن تقاتلوا التنّينا

*
 قد صغرنا أمامكمْ
ألفَ قرنٍ..
وكبرتُمْ
-خلالَ شهرٍ- قرونا

*
 يا تلاميذَ غزَّةٍ
لا تعودوا...
لكتاباتنا.. ولا تقرأونا

 *
 نحنُ آباؤكمْ..
فلا تشبهونا
نحنُ أصنامكمْ..
فلا تعبدونا..

*
 نتعاطى القاتَ السياسيَّ..
والقمعَ..
ونبني مقابراً
وسجونا ..

*
 حرِّرونا
من عُقدةِ الخوفِ فينا..
واطردوا
من رؤوسنا الأفْيونا..

*
 علّمونا..
يا أحبّاءنا الصغارَ..
سلاماً..
جعلَ اللهُ يومكمْ
ياسمينا ..

*
 من شقوقِ الأرضِ الخرابِ
طلعتمْ
وزرعتمْ جراحنا
نسرينا..

*
 هذهِ ثورةُ الدفاترِ..
والحبرِ..
فكونوا على الشفاهِ
لُحونا..

*
 أمطِرونا..
بطولةً ، وشموخاً
واغسلونا من قُبحنا
اغسلونا..

*
 إن هذا العصرَ اليهوديَّ
وَهـْمٌ..
سوف ينهارُ..
لو ملكنا اليقينا..

*
 يا مجانينَ غزَّةٍ
ألفُ أهلاً...
بالمجانينِ،
إنْ هُم حرّرونا

*
 إن عصرَ العقلِ السياسيِّ
ولَّى من زمانٍ
فعلّمونا الجنونا..


الشاعر/ نزار قباني

الجمعة، 2 مايو 2014

فدَّعِ الصِّبا (صالح بن عبد القدوس)

فدَّعِ الصِّبا فلقدْ عداكَ زمانُهُ
 وازهَدْ فعُمرُكَ مرَّ منهُ الأطيَـبُ
ذهبَ الشبابُ فما له منْ عودةٍ
وأتَى المشيبُ فأينَ منهُ المَهربُ
دَعْ عنكَ ما قد كانَ في زمنِ الصِّبا
واذكُر ذنوبَكَ وابِكها يـا مُذنـبُ
واذكرْ مناقشةَ الحسابِ فإنه لابَـدَّ
يُحصي ما جنيتَ ويَكتُبُ لم ينسَـهُ
الملَكـانِ حيـنَ نسيتَـهُ بـل أثبتـاهُ
وأنـتَ لاهٍ تلعـبُ والرُّوحُ فيكَ وديعـةٌ
أودعتَهـا ستَردُّها بالرغمِ منكَ وتُسلَـبُ
وغرورُ دنيـاكَ التي تسعى لها دارٌ
حقيقتُهـا متـاعٌ يذهـبُ والليلُ فاعلـمْ
والنهـارُ كلاهمـا أنفاسُنـا فيهـا تُعـدُّ
وتُحسـبُ وجميعُ مـا خلَّفتَـهُ وجمعتَـهُ
حقاً يَقيناً بعـدَ موتِـكَ يُنهـبُ تَبَّـاً لـدارٍ
لا يـدومُ نعيمُهـا ومَشيدُها عمّا قليـلٍ
يَـخـربُ فاسمعْ هُديـتَ نصيحةً
أولاكَها بَـرٌّ نَصـوحٌ للأنـامِ مُجـرِّبُ
صَحِبَ الزَّمانَ وأهلَه مُستبصراً
ورأى الأمورَ بما تؤوبُ وتَعقُبُ
لا تأمَنِ الدَّهـرَ فإنـهُ مـا زالَ قِدْمـاً
للرِّجـالِ يُـؤدِّبُ وعواقِبُ الأيامِ في
غَصَّاتِهـا مَضَضٌ يُـذَلُّ لهُ الأعزُّ
الأنْجَـبْ فعليكَ تقوى اللهِ فالزمْهـا
تفـزْ إنّ التَّقـيَّ هـوَ البَهـيُّ الأهيَـبُ
واعملْ بطاعتِهِ تنلْ منـهُ الرِّضـا
إن المطيـعَ لـهُ لديـهِ مُقـرَّبُ
واقنعْ ففي بعضِ القناعةِ راحةٌ
واليأسُ ممّا فاتَ فهوَ المَطْلـبُ
فإذا طَمِعتَ كُسيتَ ثوبَ مذلَّةٍ
فلقدْ كُسيَ ثوبَ المَذلَّةِ أشعبُ
وابـدأْ عَـدوَّكَ بالتحيّـةِ ولتَكُـنْ
منـهُ زمانَـكَ خائفـاً تتـرقَّـبُ
واحـذرهُ إن لاقيتَـهُ مُتَبَسِّمـاً
فالليثُ يبدو نابُـهُ إذْ يغْـضَـبُ
إنَّ العدوُّ وإنْ تقادَمَ عهـدُهُ فالحقدُ
باقٍ في الصُّدورِ مُغَّيبُ
وإذا الصَّديـقٌ لقيتَـهُ مُتملِّقـاً فهـوَ
العـدوُّ وحـقُّـهُ يُتجـنَّـبُ لا خيرَ في
ودِّ امـريءٍ مُتملِّـقٍ حُلـوِ اللسـانِ
وقلبـهُ يتلهَّـبُ يلقاكَ يحلفُ أنـه بـكَ
واثـقٌ وإذا تـوارَى عنكَ فهوَ العقرَبُ
يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً
ويَروغُ منكَ كمـا يـروغُ الثّعلـبُ
وَصِلِ الكرامَ وإنْ رموكَ بجفوةٍ
فالصفحُ عنهمْ بالتَّجاوزِ أصـوَبُ
واخترْ قرينَكَ واصطنعهُ تفاخراً
إنَّ القريـنَ إلى المُقارنِ يُنسبُ
واخفضْ جناحَكَ للأقاربِ كُلِّهـمْ بتذلُّـلٍ
واسمـحْ لهـمْ إن أذنبوا ودعِ الكَذوبَ
فلا يكُنْ لكَ صاحباً
إنَّ الكذوبَ يشيـنُ حُـراً يَصحبُ
وزنِ الكلامَ إذا نطقـتَ ولا تكـنْ
ثرثـارةً فـي كـلِّ نـادٍ تخطُـبُ
واحفظْ لسانَكَ واحترزْ من لفظِهِ
فالمرءُ يَسلَـمُ باللسانِ ويُعطَبُ
والسِّرُّ فاكتمهُ ولا تنطُـقْ بـهِ
إنَّ الزجاجةَ كسرُها لا يُشعَبُ
وكذاكَ سرُّ المرءِ إنْ لـمْ يُطوهِ
نشرتْـهُ ألسنـةٌ تزيـدُ وتكـذِبُ
لا تحرِصَنْ فالحِرصُ ليسَ بزائدٍ
في الرِّزقِ بل يشقى الحريصُ ويتعبُ
ويظلُّ ملهوفـاً يـرومُ تحيّـلاً
والـرِّزقُ ليسَ بحيلةٍ يُستجلَبُ
كم عاجزٍ في الناسِ يأتي رزقُهُ رغَـداً
ويُحـرَمُ كَيِّـسٌ ويُخيَّـبُ
وارعَ الأمانةَ والخيانةَ فاجتنبْ
واعدِلْ ولاتظلمْ يَطبْ لكَ مكسبُ
وإذا أصابكَ نكبةٌ فاصبـرْ لهـا
مـن ذا رأيـتَ مسلَّماً لا يُنْكبُ
وإذا رُميتَ من الزمانِ بريبـةٍ
أو نالكَ الأمـرُ الأشقُّ الأصعبُ
فاضرعْ لربّك إنه أدنى لمنْ
يدعوهُ من حبلِ الوريدِ وأقربُ
كُنْ ما استطعتَ عن الأنامِ بمعزِلٍ
إنَّ الكثيرَ من الوَرَى لا يُصحبُ
واحذرْ مُصاحبةَ اللئيم فإنّهُ
يُعدي كما يُعدي الصحيحَ الأجربُ
واحذرْ من المظلومِ سَهماً صائباً
واعلـمْ بـأنَّ دعـاءَهُ لا يُحجَـبُ
وإذا رأيتَ الرِّزقَ عَزَّ ببلـدةٍ
وخشيتَ فيها أن يضيقَ المذهبُ
فارحلْ فأرضُ اللهِ واسعةَ الفَضَا
طولاً وعَرضاً شرقُهـا والمغرِبُ
فلقدْ نصحتُكَ إنْ قبلتَ نصيحتي
فالنُّصحُ أغلى ما يُباعُ ويُوهَـبُ


الشاعر / صالح بن عبدالقدوس

الخميس، 17 أبريل 2014

ثالثُ الثَّقَلَين




آمَنتُ بالثَّوراتِ و الثُّوَّارِ
و كَفَرتُ بالأبناءِ و الأصهارِ
آمَنتُ بالشَّعبِ الذي لا يَنحَنِي
رُغمَ النُّحُولِ لِـمُديَةِ الجَزَّارِ
آمنتُ بالفَجرِ الرَّبيعيِّ الذي
ما زالَ يُبدِي وَجْهَهُ و يُوارِي
 
*****

آمَنتُ بالوَجَعِ الشَّهيدِ إذا بَدَا
مُتَشائِماً مِن نَشرةِ الأخبارِ
و إذا تَلَفَّتَ في الزَّوايا باحِثاً
عن حُلمِهِ المُتَشَبِّثِ المُنهارِ
و إذا تَثَاءَبَ في الرَّصيفِ كَثائِرٍ
كَفَرَت يَداهُ بوَجهِهِ الجِيفاري
آمَنتُ بي و بكُلِّ جُرحٍ أخضَرٍ
مِثلي يُرَدِّدُ للضُّحى أشعاري
مَن ذا أَلُومُ ؟! و كُلُّ ذَنبي أنني
جَهلاً رَبَطتُ مَعَ ( الدَّبُورِ ) حِماري ؟

 *****

هذي بِلادُكَ يا غريبُ .. و لم تَزَل
يَمنيَّةَ الآهاتِ و الأسفارِ
كانت تُبادِلُكَ الحنينَ و تشتكي
ليلاً إليكَ سِياسةَ الإفقارِ
و تَقُولُ ثُرْ يا ثالثَ الثَّقَلَينِ يا
لَيثَ الخِيامِ .. و يا فَتَى الأنصارِ
حَتى إذا ما ثُرتَ شَقَّت صَدرَها
رُطَباً لكُلِّ مُتاجِرٍ سِمسارِ
و تَعَوَّذَت مِن عُنفُوانِكَ يَومَ أَنْ
صَوَّبتَ صَدرَكَ وَردَةً للنَّارِ
 
*****

يا أيها الوجعُ الغزييييير .. أتَنطَفِي
هذي الخيامُ بحَملَةِ الأمطارِ
لم يَبقَ مِن حُلمِ الربيعِ و طيفِهِ
إلاَّ انقطاعُ الصَّوتِ و التَّيَّارِ
جاءَ المُشِيرُ على المُشيرِ و حَقُّنا
أنْ نُكمِلَ المِشوارَ بالمِشوارِ
و نُبَدِّلَ الأزلامَ بالأزلامِ إنْ
سَمَحَت بذاكَ مشيئةُ التُّجَّارِ
عُذراً لآباءِ الجراحِ فلم يَزَل
حُلْمُ الخُروجِ يَنُوءُ بالأعذارِ
عذراً لجَرحى الحَربِ مازالَ الطَّوى
خَلفَ الخِيامِ بحالةِ استِنفارِ
وَقَفَ الرِّيالُ على يَدَيهِ مُسبِّحاً
مُستغفراً للخُضرِ و الدُّولارِ
و مشى الرَّغيفُ على الرَّصيفِ كسائحٍ
مُتَبَختراً ، و الفَضلُ للأسعارِ
و مَشى النَّحيبُ على النحيبِ و دَندَنَت
أُمُّ العِجَافِ على الفقيرِ العاري

الشاعر/يحيى الحمادي