الأربعاء، 30 ديسمبر 2020

ألحاظ فاتنة -- حامد جاب الله الخطيب

 

أعوذ بالله من ألحاظ فاتنةٍ
ترنو إليك ولا تعطيك ما ترجو

كشاعر القوم في مدحٍ قصيدته
وفي الختام بلا داعٍ غدا يهجو

أملتني والمنى أوهام ساحرةٍ

ألقتك في عمق آبارٍ لها دُعْجُ



الشاعر / حامد جاب الله الخطيب

ألحاظ فاتنة .. حامد جاب الله الخطيب

الاثنين، 21 ديسمبر 2020

منذ الولادة لو خُيّرتُ في وطنٍ -- الشاعر/عبدالكريم العفيري

 

و جئت من سـبأٍ أشـدو بقافـيتي
أُهـيم وجداً بذاتِ الرّونقِ الحسنِ
ونشوةُ السّكرِ تنتابُ الحشا شغفاً
كأنني تـائـهٌ فـي غفـلة الـزّمنِ
وهبتُها الروحَ و استرخصتُها ثمناً
لأجلها يرخصُ الغالي في الثّمنِ
لهوتُ دهراً طويلاً في مفاتنِها
و استقبلتني بحضنٍ دافئٍ مرنِ
و عانقتني بلا خوفٍ و لا خجلٍ
و ثغرُها جاد لي بالغيثِ والمُزُنِ
حتى توارت شفاهي في شفائفهاآ 
دخلتُ في نوبةٍ عظمى من الوسنِ
وجدّتُ في صدرها الدّفاق متّكئي
و في لمى شفتيها قد رست سُفني
أنا الـذي يا صـباباتي فـُتـنتُ بها
وهل هناك سوى عشقي من الفتنِ
والله والله لم يـُخـلق لها مـثـلٌآ 
فوق الثرى أبداً في سائر الزمنِ
ودّعـتُها ودموعُ الوجـدِ هاطلةٌ
أشكو النّوى وأنا في غايةِ الحَزَنِ
اللهُ يـعـلـمُ مـا فـارقـتُـها أبـداً
روحي التي في وداعي فارقت بدني
قفوا حداداً و لفّوا من جدائلِهاآ 
حولي قليلاً لأنّي اخترتُها كَفَني
و في ثرى روحها فلتدفنوا جسديآ 
و لتكتبوا فوق قبري عاشق اليمنِ
تلوتُ للعشق في محرابها سوراً
بمحكم الذّكرِ والآياتِ والسّننِ
فهل اتاك حديث القوم من إرمٍآ 
ذاتِ العمادِ سواها قط لم يكنِ
أريكتي عرش بلقيس العظيم وفيآ 
قصور غمدان مهوى كلِ مفتتنِ
ما بالُها اليوم بالأوجاعِ مثقلةٌ
وتشتكي سطوة الآلامِ والمحنِ
وتنزفُ القهرَ في صنعاء أوردتيآ 
وتصطليني جحيم البؤس في عدنِ
تفاءلي يا ربا قحطان و ابتسمي
وعانـقـيـني لأنّ البـين أرّقـَني
بعقل بلقيس هاقد جئتُ متّشحاً
سيفَ الإرادة من سيف بن ذي يزنِ
أنا سفـيرُ بلادي فـي مـواجـِعـهاآ 
و صوتُها الحرُّ في الأقطار والمدنِ
منذ الولادة لو خُيّرتُ في وطنٍ
لقلت يا أيها الدنيا أنا يمني



الشاعر/عبدالكريم العفيري


الجمعة، 4 ديسمبر 2020

الا المساجد -- زهير شيخ تراب


إذا مُنعتْ صلاةٌ في المساجدْ
وغابَ عن الجماعةِ كل ساجدْ

ولم يلجِ المنابرً في صلاةٍ
ولا الجمعاتِ معتكفٌ  وعابدْ

وبيتُ اللهِ في الحرمينِ أضحتْ
زيارتُه مغلّقةٌ  لواردْ

فلا حجٌ يقام ولا طواف
ولا عرفاتُ قد عُمرتْ لرائدْ

فعفوََ اللهِ، هلْ هذا بلاءٌ
وسهمٌ من سهامِ اللهِ راصدْ

فقد درَجَ الأنام بكلِّ ذنبٍ
وقد مََرَدَ العصيُّ على المحامدْ

تساوى في الخطيئة من تألى
على ربِّ العبادِ وكلُّ ماردْ

فهذا منكِرٌ للدينِ كُفراً
وهذا في التطرّفِ باتَ غامدْ

فذاك مكذّبٌ بالحقِّ أعمى
وهذا مجحفُ الآلاءِ جاحدْ

وغلّقت المكارمُ واستفاضتْ
من الفتن الفواحش والمكائدْ

ولم تُجْدِ المواعظُ أي نفعٍ
من الأمدِ البعيد ولا الأوابدْ

فأقوامٌ خلتْ منْ قبلُ لما
بشرعِ الله أدخلتْ المفاسدْ

أتاهمْ مُهلكاً أمرٌ بياتاً
فتلك ديارهُم في الأرضِ شاهدْ

وأرضُُ الله قدْ صارتْ لنهبٍ
من الأشرارِ مغتصبٍ وفاسدْ

وصار الغلُّ في الأقران طبعٌ
فهذا مبغضٌ فظٌ وحاقدْ

فلا عينُ الرضا باتتْ بفضلٍ
ولا بالسخطِ يستثنيك حاسدْ

فلا من اوتيَ الدنيا قنوعٌ
ولا محفوف بالنعماء حامدْ

فهل نحنُ العصاةَ لنا براءً
إذا ما مادتْ الدنيا بمائدْ

فكل النّاسِ للديّانِ تمضي
إذاما يَحشدُ الفجّارَ حاشدْ

قِفوهمْ عندَ مقتدرٍ عزيزٍ
هو القهار ربّ النّاسِ واحدْ

فلا ينجو سعيد او شقيّ
وكل الخلق للجبار عائدْ

فتوبٌ واستقامٌ او هلاكٌٌ
وبابُ اللهِ لمْ يوصدْه واصدْ

وتركٌٌ للمظالمِ إنْ أردنا
نجاةً أو خلاصاً في الشدائدْ

فجندُ اللهٍ ممأمور بأمرٍ
وبالرحمنِ ندفعُ بالمواجدْْ

إلهي لا تعذّبْْنا بذنبٍ
وأنتَ وليُّنا بالخيرِ واعدْ

واذهبْ يا إلهي كل غمٍّ
ففي الأمصار معتّرٌ وزاهدْ

أعِدْنا للمساجدِ عامراتٍ
فليسَ يَسُرٌّنا غيرُ المساجدْ


الشاعر السوري/ زهير شيخ تراب

السبت، 21 نوفمبر 2020

بَالَهَ البَالْ.. لَيتِكْ يا بِلادِيْ بِلادِي-- الشاعر/يحيى الحمادي



بَالَهَ البَالْ.. لَيتِكْ يا بِلادِيْ بِلادِي

كُنتْ مِن عُشْبْ قَلبِي شَختَرِعْ لِكْ وِسَادَهْ

بَالَهَ البَالْ.. ليتِكْ رَقدَتِيْ مِن سُهَادِي

كُنتْ شَطرَحْ عيُونِي فَوقْ صَدْرِكْ قِلادَهْ

بَالَهَ البَالْ.. ليتِكْ تَحزَنِي لِاضطِهَادِي

كُنتْ حَرَّرْتْ صَدرِكْ مِن جُنُونْ البِيَادَهْ

بَالَهَ البَالْ.. ليتِكْ مَن يُفَكِّرْ بِزَادِي

كُنتْ شَفقِدْ حَيَاتِي لَو فَقَدْتِ السِّيَادَهْ

بَالَهَ البَالْ.. لكنْ مَن يحقِّقْ مُرَادِي

بَين حُلمِي و حُلمِك جَهلْ حامِل شهادهْ

بَالَهَ البَالْ.. بَالَهْ بَينْ صالِحْ و هادِي

وبَينْ صالِحْ و هادِي شَعبْ ضَيَّعْ بِلادَهْ

الشاعر/يحيى الحمادي

الأحد، 8 نوفمبر 2020

أيها الظلم والخنا والغرور -- إلياس أبو شبكة

 

أَيُّها الظُلمُ وَالخَنا وَالغُرورُ

يا خَداعاً تَعفُّ عَنهُ الشُرورُ

يا كُنوداً وَيا محاباةَ قَومي

يا صُدوراً يَدُبُّ فيها النُفورُ

يا خِصاماً يا مُنكراتَ بِلادي

يا رِياءً يا حِطَّةً يا فُجورُ

إِقرِبي ما اِستَطَعتِ من كُبِر نَفسي

أَنا صدري رحبٌ وَقَلبي كَبيرُ

ليَ نَفسٌ كَالبَحرِ ذات اِتِّساعٍ

فَلُبابٌ يُلقى بِها وَقشورُ

تَبصقُ الرجس عَن عفاف وَطُهر

وَاللآلي تَبقى بِها فَتَغورُ

لا يغرَّنكَ أَنَّني مُستَكنٌ

فَإِلى ثَورَةٍ سُكوتي يُشيرُ

وَاِستَريبي إِذا سَمِعتِ زَفيري

إِنَّ في صَدريَ الزَفيرَ زَئيرُ

إِقرَبي إِقرَبي فَآلامُ نَفسي

جمرَةٌ يستَطيرُ مِنها السَعيرُ

جَمرَةٌ في بُركانِها تَتَلَظّى

شاخِصاتٌ إِلى لَظاها الدهورُ

يا بِلادي كَفاكِ هزءاً بِنَفسي

إِنَّ نَفسي حسامُكِ المَطرورُ

لا تَقولي قَد أَحرَقَتها البَلايا

كلُّ نَفسٍ لَم تَحتَرِق لا تُنيرُ

أُترُكيني أُنشد أَغانِيَ حُبّي

أَنا بِالحُبِّ وَالأَغاني فَخورُ

إِنَّ شعري أَبقى من التاجِ عمراً

ذلِكَ التاج لِلزَوالِ يَصيرُ

كَم أَميرٍ وَكَم مَليكٍ تَوارى

وَطَوَته دُجنَّةٌ وَقبورُ

وَالمَعَرّي الضَرير ما زالَ حَيّاً

وَفَقيراً كانَ المَعرّي الضَريرُ

يا نفوساً تَطَوَّرَ البَأسُ فيها

أَينَ يَأوى حُسامُكِ المَشهورُ

لَيسَ يُجدي حِلمٌ وَلا اللينُ يُجدي

لِنُفوسٍ شعارُها التَدميرُ

خُلقَ المجدُ لِلقَديرِ فَجدّوا

لا ينالُ الرقيَّ إِلّا القَديرُ

وَرِدوا العِلمَ إِنَّ العِلمِ نوراً

وَاِنفُضوا الجَهلَ لَيسَ في الجَهلِ نورُ

هذهِ التُربَةُ الَّتي أَنشَأَتكُم

عاثَ فيها مسوَّدٌ مَأجورُ

فَاِنفُضوها فَفي ثُراها نُضارٌ

وَغِناكُم نُضارُها المَذخورُ

ما نُجيبُ الأَبناءَ إِن سَأَلونا

أَيَّ أَرضٍ أَنَرتُمُ يا بُدورُ

أَيَّ عارٍ خَلَّفتُمُ لِفِراخٍ

رغب الذلُّ فيهِم يا نسورُ

أَنُطيقُ الحيا وَنَحن شُيوخٌ

شَرفٌ في صُدورِنا وَشعورُ

عُجَّزٌ لا نَصيرَ يَدفَعُ عَنّا

ما نُقاسي ما لِلذُنوبِ نَصيرُ

اَيُّها الفَجر يا سِراجَ البَرايا

عَجَباً مِنكَ كلَّ يَومٍ تَزورُ

كَيفَ لم تَسأمِ الوجودَ المحابي

أَتُرى أَنتَ مِثلَهُ شَرّيرُ

أَيَّ يَومٍ زُيوتُ نورِك تَخبو

وَعَلى سُنَّةِ الضِياءِ تَثورُ

وَتَزجُّ الوجودَ في ظُلُماتٍ

مُستَبَدٌّ في بُردِها الديجورُ

إِنَّ هذا الوُجودَ أَمسى مُسِنّاً

وَشَقِيّاً أَمسى الوُجودُ الخَطيرُ

رثَّ فيهِ خُلق الرجال وَرَثَّت

نَزَواتُ العُلى وَرَثَّ الضَميرُ

لَيسَ فيهِ إِلّا خداعٌ وَزورٌ

وَبليّاتِهِ خداعٌ وَزورُ

خَلفَ التيسُ في ليثاً هَصوراً

وَيحَ تيسٍ يُنامُ عَنهُ الهصورُ

عَبثاً نرتَجي الصِيانَةَ ما لَم

تَتَمَزَّق عَن الرِياءِ الستورُ

قَد أَقَمنا عَلى الجَهالَة عَهداً

وَعلى الجَهلِ لا يُقيمُ البَصيرُ

أَوَلَسنا وَرّاثَ أَقدَم مجدٍ

في يَدينا صَليلُهُ وَالصَريرُ

أَوَلَسنا وَرّاثَ شَعبٍ أُنيرَت

بِتَعاليمُه الهداةِ العصورُ

عَبدوا الفَنَّ نَيِّراً وَعَبَدنا

تَرَّهاتٍ شِعارُها التَبذيرُ

ما تَبَقّى لَنا مِن الفَنِّ إِلّا

ذِكرَياتٌ هِيَ النِزاعُ الأَخيرُ

أُمَّةً كانَتِ البِلادُ فَأَمسَت

أُمَّةً ما دَرَت بِمَن تَستَجيرُ

يُستَبَدُّ الغَنِيُّ فيها وَيَعمى

عَنهُ كلُّ الوَرى وَيَشقى الفَقيرُ

في ذُراها وَفي السَواحِل يَجري

مِن عروقِ الجُدودِ ماءٌ نَميرُ

فَاِسجُدوا لِلأَثيرِ فيها وَصَلّوا

فَلُهاثُ الأَجدادِ هذا الأَثيرُ

الاثنين، 26 أكتوبر 2020

ما لي أَرى القَلبَ في عَينَيكِ يَلتَهِبُ -- إلياس أبو شبكة

ما لي أَرى القَلبَ في عَينَيكِ يَلتَهِبُ

أَلَيسَ لِلنّارِ يا أُختَ الشَقا سَبَبُ

بَعضُ القُلوبِ ثِمارٌ ما يَزالُ بِها

عَرفُ الجنانِ وَلكِن بَعضُها حَطَبُ

ذكرتُ لَيلَةَ أَمسٍ فَاِختَلَجتُ لَها

وَاللَيلُ سِكرانُ مِمّا سَحَّتِ السُحُبُ

ذكرَتُها غَيرَ أَنَّ الشَكَّ خالَجَني

إِنَّ النِساءَ إِذا راوَغنَ لا عَجَبُ

فَهُنَّ من حَيَّة الفِردَوسِ أَمزِجَةٌ

يَثورُ فيهِنَّ من أَعقابِها عَصبُ

أَخافُ في اللَيلِ من طَيفٍ يَسيلُ عَلى

مَوجاتِ عَينَيكِ حيناً ثُمَّ يَغتَرِبُ

طيفٌ مِنَ الشَهوَةِ الحَمراءِ تَغزِلُه

حمرُ اللَيالي وَفي أَعماقِهِ العَطبُ

وَوَجهُكِ الشاحِب الجَذّابُ تُرهِبُني

أَلوانُهُ يَتَشَهّى فَوقُها اللَهبُ

ما زِلتِ تَغتَصِبينَ اللَيلَ في جَهَد

حَتّى تَجَمَّدَ في أَجفانِكِ التَعَبُ

وَما السَوادُ الَّذي في محجريكِ بَدا

إِلّا بَقايا من الأَحشاءِ تُغتَصَبُ

وَحَقِّ طِفلِكِ لَم أَشمُت بِإِمرَأَةٍ

زَلَّت بِها قَدَم أَو غَرَّها ذَهَبُ

فَربّ أَنثى يخون البُؤسُ هَيبَتَها

وَالبُؤسُ أَعمى فَتَعيي ثمَّ تَنقَلِبُ

لي مُهجَةٌ كَدُموعِ الفَجرِ صافِيَة

نَقاوَتي وَالتُقى أُمٌّ لَها وَأَبُ

فَكَيفَ أَختَلِس الحَقَّ الَّذي اِختَلَسوا

وَكَيفَ أَذأبُ عَن لُؤمٍ كَما ذَئَبوا

لي ذِكرياتٌ كَأَخلاقي تُؤَدِّبُني

فَلا يُخالِجُني رَوغ وَلا كَذِبُ

أَبقى لِيَ الأَمسُ مِن غَلواءِ عِفَّتَها

وَلم يَزَل في دَمي مِن روحِها نَسَبُ

وَحَقِّ روحِكِ يا غلوا وَلَو غَدَرت

بيَ اللَيالي وَأَصمَت قَلبِيَ النُوَبُ

إِن كُنتُ في سَكرَةٍ أَو كُنتُ في دَعرٍ

وَمَرَّ طَيفُك مَرَّ الطَهرُ وَالأَدَبُ

وَأَنتِ يا أُمَّ طِفلٍ في تَلَفُّتِهِ

سُؤلُ العَفافِ وَفي أَجفانِهِ لعبُ

صُبّي الخُمورَ فَهذا العَصرُ عَصرُ طَلا

أَما السَكارى فَهُم أَبناؤُهُ النُجُبُ

لا تَقنطي إِن رَأَيتِ الكَأسَ فارِغَة

يَوماً فَفي كلّ عامٍ يَنضُجُ العِنبُ

صُبّي الخُمورَ وَلا تُبقي عَلى مُهجٍ

مَوج الشَبابِ عَلى رِجليكِ يَصطخبُ

أَما أَنا وَلَو اِستَسلَمتُ أَمسِ إِلى

خَمرِ اللَيالي فَقَلبي لَيسَ يَنشَعِبُ

قَد أَشرَبُ الخَمرَ لكِن لا أُدنِّسُها

وَأَقرَبُ الإِثمَ لكِن لَستُ أَرتَكِبُ

وَفي غَدٍ إِذ تُنيرُ الطفل ميعَته

وَتهرمينَ وَيَبقى ذلِكَ الخَشَبُ

قولي لَهُ جِئتَ في عَصر الخُمورِ فَلا

تَشرَب سِوى الخَمر وَاِشحَب مِثلَما شَحَبوا

قولي لَهُ هذِهِ الأَيّامُ مَهزلَة

وَلَيسَ إِلّا لمن ينشى بِها الغَلبُ

قولي لَهُ عَفَّةُ الأَجسادِ قَد ذَهَبَت

مَع الجُدودِ الأَعِفّاءِ الأُلى ذَهَبوا

قولي لِطِفلِكِ ما تَستَصوبينَ غَداً

فَكُلُّ أَمرٍ لَهُ في حينِهِ خُطبُ

وَلكِنِ اليَومَ صُبّي الخَمرَ وَاِنتَخِبي

مِن المَلَذّاتِ ما الآثامُ تَنتَخِبُ

وَلا تَخافي عَذولاً فَالعَذول مَضى

وَالعَصر سَكران يا أَخت الشَقا تَعِبُ

طَريقه الشك أَنّى سار يملكه

وَحلمهُ الشهَوات الحُمرُ وَالقُربُ




الثلاثاء، 20 أكتوبر 2020

كنت بالأمس ربة العاشقينا -- إلياس أبو شبكة

 

كُنتِ بِالأَمسِ رَبَّةَ العاشِقينا

تُسكِرينَ الملا وَلا تَسكَرينا

وَلَقَد كُنتِ تَبسَمينَ بِحَظٍّ

فَلِماذا أَمسَيتِ لا تَبسَمينا

ما الَّذي أَوجَبَ اِكتِئابُكِ حَتّى

صارَ رَمزُ الجَمالِ رَمزاً حَزينا

أَظلَمَ الحُزنُ في عُيونِك نوراً

كانَ بِالأَمسِ فتنَةَ الناظِرينا

أَينَ ذاكَ الجَمالُ أَين جَبينٌ

ما أَرانا من قَبلُ هذه الغُضونا

أَوَلَيسَت هذي الغُضونُ رُموزاُ

لَم تَزَل في الفُؤادِ سِرّاً دَفينا

خَفِّفي اليَومَ وَطءَ مَشيِكِ كيلا

يُصبِحَ المَشيُ نَقلَة الراقِصينا

ما تَعَوَّدتِ غَير مَشي دَلالٍ

كُنتِ حَتّى الهَوى بِهِ تَخدَعينا

خَفِّفي المَشيَ إِنَّ في التُربِ قَلباً

رَجعَ اليَومَ بعدَ إِثمِكِ طينا

لا تَصيخي لِلحُبِّ وَاِمشي عَلَيهِ

لَيسَ عَهدُ الغَرامِ إِلّا جُنونا

لا تَصيخي إِلى الضَميرِ إِذا ما

قالَ يَوماً عِبارَةَ المُشفِقينا

قَد أَهَنتِ الحَياةَ بَعدَ عليٍّ

فَاِستَحي اليَومَ لا تُهيني المنونا

إِن يَكُ الفُسقُ من عَليٍّ فَمشنكِ ال

فُسقُ وَالجورُ بِئس ما تَفعَلينا

أَنتِ أَفسَدتِه وَكان غُلاماً

ثُمَّ صَيَّرتِهِ من الباذِرينا

إِنزَعي الحليَ عَنكِ وَاِستَبدليها

بِقُيودٍ أَحقّ بِالسافِكينا

هذِهِ الحليُ من دِماءِ عَلِيٍّ

كَيفَ تُبقينَها وَلا تَخجلينا

لا تَصيخي يا مرغَريتُ لِصَوتٍ

لَيسَ صَوتُ الضَميرِ إِلّا مُجونا

وَاِرقُصي إِن وَدَدتِ فَوقَ تُرابٍ

ضَمَّ قَلباً لِمُغرَمٍ وَعُيونا

وَاِطرَحي الحُزنَ عَنكِ فَالحُزنُ جُبنٌ

كَيفَ يا غادَة الدما تَجنينا

غيهِ ضحّي الضَميرَ في كُلِّ حالٍ

وَمري السَفك في الوَرى أَن يَكونا

السبت، 17 أكتوبر 2020

لا تَمنَـحِ الذُّلَّ إطـــراقا ... الشاعر يحيى الحمادي


لا تَمنَـحِ الذُّلَّ إطـــراقا
حتى ولو كان حـَــلَّاقا
وَيلُ امِّهِ الذُّلُّ كم أَفنَى
مُلكًــا، وكَم داسَ أَعناقا
كم صَيَّرَ العَبدَ مَعبُودًا
واستَعبَدَ الحُرَّ واستاقا
ما أَرخَصَ النَّاسَ إِن عاشُوا
لِلصَّمتِ والذُّلِّ عُشَّاقا
عِش رَافِعَ الرَّأسِ مَرهُوبًا
إِن كُنتَ لِلعَيشِ تَوَّاقا
أَو فَاقحَمِ المَوتَ جَبَّارًا
لا طَالِبًا مِنه إزهاقا
إِن كان لا بُدَّ مِن مَوتٍ
مُت عالِيَ الرَّأسِ عِملاقا
فَالمَوتُ لِلحُرِّ أَشهَى مِن
أَن يَطلبَ العَبدَ إِشفاقا
أَو أَن يَرَى العَيشَ مَشرُوطًا
بِالذُّلِّ، إِن جاعَ، أَو ضَاقا
لا يُطعِمُ الذُّلُّ، أَو يَسقِي
"إلَّا حَمِيمًا وغَسَّاقا"
***
يا عارِيَ العَارِ، ما جَدوَى
أَن تَكسُوَ الصَّدرَ والسَّاقا؟!
عارٌ على العَارِ أَن تَلقَى
بِالجُوعِ والصَّمتِ سُرَّاقا
أَو أَن تَرَى الصَّبرَ مَنجاةً
مِمَّن أَهانُوكَ إِملاقا
قالُوا لكَ: (الصَّبرُ إِيمانٌ)
واستَثمَرُوا الدِّينَ أَسواقا
واستَعمرُوا الجُوعَ أَبراجًا
واستَحمَروا النَّاسَ أَبواقا
هُم قُدوَةُ الصَّبرِ.. فَلتَصبِر
ولتُبصِرِ السَّلبَ إِنفاقا
لا تَسأَلِ اللِّصَّ إِنصافًا
هل يَملِكُ اللِّصُّ أَخلاقا!
***
يا عارِيَ الجُرحِ.. يا وَجهًا
أَضحَى مِن البُؤسِ أَنفاقا
أَقلَقتَ دُنياكَ كِتمانًا!
هل سَاءَكَ البُؤسُ؟ أَو راقا؟!
قُلها.. فقد آنَ أَن يَلقَى
مِنكَ المُعَادُوكَ إِقلاقا
يَكفِيكَ -إِن قُلتَ- أَن تُكفَى
مِن وَاهِمِ النَّصرِ إِخفاقا
لا تَخشَ في الرِّزقِ خُسرانًا
ما دُمتَ وَالَيتَ خَلَّاقا
لم يَخلُقِ اللهُ مَخلُوقًا
إِلَّا وقد صارَ رَزَّاقا
فافتَح إِلى النُّورِ ما يَكفِي
أَن يُعجِزَ الكونَ إِغلاقا
***
يا عارِيَ اللَّيلِ.. لا تَأمَل
مِن مُظلِمِ النَّفسِ إِشراقا
أَو تَطمَعِ اليومَ أَن تَلقَى
مِن سادَةِ النفطِ إِعتاقا
لا يُنصِفُ الحُرَّ مِن جَورٍ
إِلَّا الذي ذاقَ ما ذاقا
والآمِنُ الخَصمِ مَوعُودٌ
بِالغَدرِ والمَكرِ إِن لاقَى
ها أنتَ أَصبَحتَ ذا عِلمٍ
بِالدَّاءِ، فَامنَحهُ تِرياقا
مَوتٌ هو العَيشُ في عَصرٍ
يَخشَى بِهِ النَّسرُ لَقلاقا
***
يا عارِيَ الصَّوتِ.. إِرهاقٌ
أَن تَحسَبَ الحُلمَ إِرهاقا
إِني -لِرُؤيَاكَ- يَحدُونِي
شَوقٌ يَرى القَبوَ آفاقا
لم يَنطِقِ الحَرفُ في سَطري
إِلَّا دَمًا عنكَ دَفَّاقا
والرَّفضُ والشِّعرُ ما كانا
إِلَّا وقد كُنتُ سَبَّاقا
والشَّوقُ في القَلبِ لم يُخلَق
لكنني اشتَقتُ.. فاشتاقا
لا ذُلُّ مَن خانَ أَو عادَى
طَبعِي، ولا غَدرُ مَن عاقا
لو أَنَّ في النَّارِ لِي قَيدًا
لم أَرضَ بِالذُّلِّ "إِطلاقا"

الشاعر\ يحيى الحمادي