السبت، 17 أكتوبر 2020

لا تَمنَـحِ الذُّلَّ إطـــراقا ... الشاعر يحيى الحمادي


لا تَمنَـحِ الذُّلَّ إطـــراقا
حتى ولو كان حـَــلَّاقا
وَيلُ امِّهِ الذُّلُّ كم أَفنَى
مُلكًــا، وكَم داسَ أَعناقا
كم صَيَّرَ العَبدَ مَعبُودًا
واستَعبَدَ الحُرَّ واستاقا
ما أَرخَصَ النَّاسَ إِن عاشُوا
لِلصَّمتِ والذُّلِّ عُشَّاقا
عِش رَافِعَ الرَّأسِ مَرهُوبًا
إِن كُنتَ لِلعَيشِ تَوَّاقا
أَو فَاقحَمِ المَوتَ جَبَّارًا
لا طَالِبًا مِنه إزهاقا
إِن كان لا بُدَّ مِن مَوتٍ
مُت عالِيَ الرَّأسِ عِملاقا
فَالمَوتُ لِلحُرِّ أَشهَى مِن
أَن يَطلبَ العَبدَ إِشفاقا
أَو أَن يَرَى العَيشَ مَشرُوطًا
بِالذُّلِّ، إِن جاعَ، أَو ضَاقا
لا يُطعِمُ الذُّلُّ، أَو يَسقِي
"إلَّا حَمِيمًا وغَسَّاقا"
***
يا عارِيَ العَارِ، ما جَدوَى
أَن تَكسُوَ الصَّدرَ والسَّاقا؟!
عارٌ على العَارِ أَن تَلقَى
بِالجُوعِ والصَّمتِ سُرَّاقا
أَو أَن تَرَى الصَّبرَ مَنجاةً
مِمَّن أَهانُوكَ إِملاقا
قالُوا لكَ: (الصَّبرُ إِيمانٌ)
واستَثمَرُوا الدِّينَ أَسواقا
واستَعمرُوا الجُوعَ أَبراجًا
واستَحمَروا النَّاسَ أَبواقا
هُم قُدوَةُ الصَّبرِ.. فَلتَصبِر
ولتُبصِرِ السَّلبَ إِنفاقا
لا تَسأَلِ اللِّصَّ إِنصافًا
هل يَملِكُ اللِّصُّ أَخلاقا!
***
يا عارِيَ الجُرحِ.. يا وَجهًا
أَضحَى مِن البُؤسِ أَنفاقا
أَقلَقتَ دُنياكَ كِتمانًا!
هل سَاءَكَ البُؤسُ؟ أَو راقا؟!
قُلها.. فقد آنَ أَن يَلقَى
مِنكَ المُعَادُوكَ إِقلاقا
يَكفِيكَ -إِن قُلتَ- أَن تُكفَى
مِن وَاهِمِ النَّصرِ إِخفاقا
لا تَخشَ في الرِّزقِ خُسرانًا
ما دُمتَ وَالَيتَ خَلَّاقا
لم يَخلُقِ اللهُ مَخلُوقًا
إِلَّا وقد صارَ رَزَّاقا
فافتَح إِلى النُّورِ ما يَكفِي
أَن يُعجِزَ الكونَ إِغلاقا
***
يا عارِيَ اللَّيلِ.. لا تَأمَل
مِن مُظلِمِ النَّفسِ إِشراقا
أَو تَطمَعِ اليومَ أَن تَلقَى
مِن سادَةِ النفطِ إِعتاقا
لا يُنصِفُ الحُرَّ مِن جَورٍ
إِلَّا الذي ذاقَ ما ذاقا
والآمِنُ الخَصمِ مَوعُودٌ
بِالغَدرِ والمَكرِ إِن لاقَى
ها أنتَ أَصبَحتَ ذا عِلمٍ
بِالدَّاءِ، فَامنَحهُ تِرياقا
مَوتٌ هو العَيشُ في عَصرٍ
يَخشَى بِهِ النَّسرُ لَقلاقا
***
يا عارِيَ الصَّوتِ.. إِرهاقٌ
أَن تَحسَبَ الحُلمَ إِرهاقا
إِني -لِرُؤيَاكَ- يَحدُونِي
شَوقٌ يَرى القَبوَ آفاقا
لم يَنطِقِ الحَرفُ في سَطري
إِلَّا دَمًا عنكَ دَفَّاقا
والرَّفضُ والشِّعرُ ما كانا
إِلَّا وقد كُنتُ سَبَّاقا
والشَّوقُ في القَلبِ لم يُخلَق
لكنني اشتَقتُ.. فاشتاقا
لا ذُلُّ مَن خانَ أَو عادَى
طَبعِي، ولا غَدرُ مَن عاقا
لو أَنَّ في النَّارِ لِي قَيدًا
لم أَرضَ بِالذُّلِّ "إِطلاقا"

الشاعر\ يحيى الحمادي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.