خُذْ بالمسرَّة واغنم لذَّةَ الطَّرَبِ |
وزوِّج ابنَ سماءٍ بابنةِ العنب |
واشرب على نغم الأوتار صافية |
مذابة من لجين الكأس من ذهب |
ولا تضع فرصةً جاد الزمان بها |
ساعات أنسك بين المجد واللعب |
أما ترى الروض قد حاكت مطارفه |
أيدي الربيع وجادتها يد السحب |
والورد قد ظهرت بالحسف شوكته |
وخضب وجنتاه من دم كذب |
وزان ما راق دمع الطل حين بدا |
تبسّم الأقحوان الغض عن شنب |
والراح منعشة الأرواح إن مزجت |
صاغ المزاج لها تاجاً من الحبب |
وإن بدت وظلام الليل معتكر |
رمت شياطين هم المرء بالشهب |
داو بها كلَّ ما تشكوه من وصب |
ففي المدامة ما يشفي من الوصب |
ودُر بحيث ترى الأقداح دائرة |
فإنها لمدار الأنس كالقطب |
يعود ما فات من عهد الشباب بها |
يشبّ فيها معاطيها ولم يشب |
يمجُّ منها فمّ الإبراق رائقة |
تخالها إنها صيغت من اللهب |
في جنة راق للأبصار رونقها |
وأدمعُ المزن ما تنفك في صبب |
والوُرق تملي من الأوراق ما خطبت |
على منابر غصن الدوح من خطب |
وما برحت لأيام مضت طرباً |
داعي المسرة والأفراح يهتف بي |
حتَّى إذا العيد وافانا بغُرَّتِه |
أقَرَّ شوال عيني في أبي رجب |
بالسيد العلويّ الهاشميّ لنا |
فوز يؤمَّل من قَصْدٍ ومن أرب |
أحيت مكارمه ما كنت أعْرِفُها |
من الأوائل في الماضي من الحقب |
الله ألهمه فهماً ومعرفة |
وحسن خلقٍ وحلماً غير مكتسب |
إنِّي أباهي به الأشراف أجمعها |
بذلك النسب العالي الَّذي حسب |
فداؤه كل ممقوت بشانئه |
فلا إلى حسب يعزى ولا نسب |
هو السعيد الَّذي يشقى العدو به |
من ذا يعاديه في الدنيا ولم يخب |
لما دعاه وليّ الأمر منتدباً |
أجابه وأراه خير منتدب |
دعاه مستنصراً في عسكر لجب |
وقد ينوب مناب العسكر اللجب |
فسار مستصحب التوفيق يومئذٍ |
فسار أكرمَ مصحوبٍ ومصطحب |
وصار تدبيره يغني عساكره |
عن الكتائب بالأقلام والكتب |
كم كربة نفّست للجيش همته |
فحقّه أنّ يسمى كاشف الكرب |
دعا إلى طاعة السلطان فاجتمعت |
له القبائل من بعد ومن قرب |
لقد أجابته وانقادت لطاعته |
ولو دعاها سوى علياه لم تجب |
أراعهم ما أراهم من مكارمه |
وجاء من بره المعروف بالعجب |
تلك المزايا لأجدادٍ له سلفت |
فأعقب الله ما للمجد من عقب |
من سادة شرّف الله الوجود بهم |
قد أوْرِثوها علاءً من أبٍ فأب |
فلم تجد من لسان غير منطلق |
ولا فؤاداً إليهم غير منجذب |
فلا تقسهم بقوم دونهم شرفاً |
يوماً وكيف يقاس الرأس بالذنب |
لقد كفى العسكر المنصور نائبة |
تجثو لها نوب الدنيا على الركب |
وقوّمت كل معوَجٍّ صوارمه |
وسكنت منذ وافى كلّ مضطرب |
وأسعد الله مولانا الفريق به |
فكان ثابت سعد غير منقلب |
وكان أعظم أسباب الفتوح له |
فيا له سبب ناهيك من سبب |
أما وربك لولاه لما خمدت |
نار لها غير فعل النار بالحطب |
دهياء تفغر فاهاً لا سبيل إلى |
ترك ابتلاع سراة القوم بالنوب |
المطمعين بنيل المجد أنفسهم |
لا يسأمون من الإقدام في الطلب |
وكان خيراً لهم لو أنهم رجعوا |
عن غيّهم بعد ذاك الجهد والنصب |
بَغوا لما نزغ الشيطان بينهم |
والبغي يسلم أهليه إلى العطب |
حتَّى إذا دبّروا للحرب أمرهم |
وهم عن الرأي والتدبير في حجب |
فأقبلت برجال لا عداد لها |
وحيّر الترك ما لاقت من العرب |
لله درك ماذا أنتَ فاعله |
بذلت نفسك فوق المال والنشب |
والحرب قائمة والنار موْقدة |
يقول منها جَبانُ القوم واحَربي |
يساقط الموت من أبطالها جثثاً |
كما يساقط جذع النخل بالرطب |
برزت فيهم بروز السيف منصلتاً |
من غمده وأخذت القوم بالرعب |
كففت أيديهم عن ما تمد له |
فما استفادوا سوى الخذلان في الغلب |
وشتت الله ممن قد طغى وبغى |
جمع الخوارج بين القتل والهرب |
ودمّر الله في أقدامهم فئة |
فكان أعدى إلى أخرى من الجرب |
تعبتم فأرحتم بعدها أمماً |
كم راحة يجتنيها المرء من تعب |
وعم فضلك ذاك القطر أجمعه |
يا حسن ما أصبحت في مربع خصب |
رأس الأكابر والأشراف من مضر |
صدر الرئاسة فخر السادة النجب |
ليهنك النصر والفتح المبين وما |
بلغت من جانب السلطان من أرب |
لئن حباك بنيشان تُسرُّ به |
بطالع لقران السعد لم يغب |
هذا المشير أعزّ الله دولته |
أبانَ فضلك إعلاناً لكلّ غبي |
وخذ إليك بقيت الدهر قافية |
تلوح منك عليها بهجة الأدب |